استكشف المجهول بعيون المكفوفين!! مطعم في الظلام تجربة أولى لفاقدي البصر في مصر
مشروع اقتصادي فريد من نوعه ومثال حي لقدرة متحدي الاعاقة اسمه "مطعم في الظلام"، يتميز بالشكل و المأكولات الفرعونية والطعم الفريد و المختلف لما يقدم فيه ويمنحك تجربة لم تخوضها من قبل،إذا تعتمد علي كل حواسك عدا البصر لمدة 90 دقيقه متتالية، هنا في عالم المكفوفين ليس لحاسة البصر فائدة، و تبدو الحواس الأخرى كالسمع واللمس والشم أقوي من المعتاد
استكشف المجهول بعيون المكفوفين!!
مطعم في الظلام تجربة أولى لفاقدي البصر في مصر.
عاش التجربة: مصطفي بركات
"التجربة"
مشروع اقتصادي فريد من نوعه ومثال حي لقدرة متحدي الاعاقة اسمه "مطعم في الظلام"، يتميز بالشكل و المأكولات الفرعونية والطعم الفريد و المختلف لما يقدم فيه ويمنحك تجربة لم تخوضها من قبل،إذا تعتمد علي كل حواسك عدا البصر لمدة 90 دقيقه متتالية، هنا في عالم المكفوفين ليس لحاسة البصر فائدة، و تبدو الحواس الأخرى كالسمع واللمس والشم أقوي من المعتاد.
لدخول الزبائن إلى المطعم لأبد من ترك جميع الهواتف وأي متعلقات شخصية يمكن أن تكون مصدراً للإضاءة في الأمانات بغرفة الاستقبال، ومن غرفة الاستقبال الصغيرة يدخلون قاعة الانتظار ليظهر بعض المكفوفين العاملين بالمكان ويلقون التعليمات علي الضيوف للتعامل مع العالم المظلم الذي سيدخلونه بعد دقائق معدودة .
"الفكرة"
التقينا الأستاذ "خالد" القائم على ارشاد الزوار ليحدثنا عن فكرة إنشاء المطعم قائلا: تندرج إدارة المطعم تحت المركز العربي للإعلام المتخصص لذوى الإعاقة، وبدأ المطعم كفكرة للأستاذ "محمد" يشاهد فيلم رأي به مكفوفين يقدموا أكل وكان والدي الله يرحمه كان كفيف، فلما عرضت عليه الفكرة قال هذا المكان موجود فعلياً خارج مصر، ولأبد من تطبيق ذات الفكرة في مصر وبالفعل تواصلنا مع الإدارة ومؤسس المشروع "إدوارد بروجلي" وتعاون معانا لتنفيذ الفكرة في مصر لكن قيام الثورة حال دون تنفيذ الفكرة، ثم تم التنفيذ في 2019 في مصر وبالفعل سافرنا قبلناه في لندن و تحدثنا معه أننا نريد فرع هنا في مصر ورجع معنا و رأي المكان وجلب لنا مدربين من عنده من الخارج تعلمنا منهم كيفية التعامل في تحريك الأطباق في المطعم وكيفية التعامل مع الزائرين للمطعم دون أن يشعروا بالملل من التجربة ومازلنا مستمرين، أما فيما يتعلق بالعاملين في المطعم بنسبة ٨٠٪ من المعاقين و تحديدًا المكفوفين، فنحن من نستقبل القادمين إلى المطعم، ففكرة المطعم قائمة علي فكرة تبادل الأدوار قائلاً: في الحقيقة خارج المطعم المبصر هو من يمسك بيد الكفيف ويعبر به الطريق أما في المطعم بيتم العكس الكفيف هو من يمسك يد المبصر لأن المبصر لا يري في المطعم.
"تعليمات"
بعد دقائق قليلة تأتي المرشدة للضيوف لجلبهم إلى الغرفة المظلمة من خلال وضع اليد اليسرى فوق كتف المرشدة الأيسر ثم الدخول إلى الغرفة المظلمة، وبعدهابدقائق معدودة تحضر المرشدة الكفيفة نعمةأطباقاًوتضعهاأمام الضيوف ليكتشفوا مابداخلها، لتبدأ المرحلة الأخرى في اكتشاف مكوناتها لتتداخل الأصوات ويزداد التفاعل بين الحاضرين شيئاً فشيء، وهنا تعمل حواس اللمس والسمع والشم علي استكشاف ذلك العالم المجهول.
" المرشدة"
"أنا عينكم في الظلام مثلكم أنتم عيننا في النور" تلك أولي الكلمات التي تقولها نعمة المرشدة، وتقول أنها تدربت علي يد خبراء فرنسين ليتمكنوا من تقديم الطعام وقيادة المبصرين، مضيفة أنها كانت تعاني من قبل؛ ففي كل مرة تقدم علي وظيفة كان يتم رفضها رغم وجود كل المؤهلات المطلوبة،أما الأن فهي سعيدة بعملها، وتحرص علي تغيير ثقافة المجتمع و نظرته للمكفوفين من خلال ما تقدمه.
"للمكفوفين فقط"
يقول دكتور عبد الباسط عزب مقدم برامج في التليفزيون ورئيس المركز العربي للإعلام وذوي الإعاقة وصاحب المطعم بأن الاعاقة ليست جسدية وانما مجتمعية، كماأنه نقل فكرة المطعم من فرنسا وهو الفرع التاسع لشركة في العالم والأول في مصر"Dans Le Noir?"، ونظراً لعمله مذيع بالتليفزيون في الخارج وسفره الكثير للتصوير أعجبته الفكرة، و بدأ في تنفيذها في مصر لحل مشكلة بطالة الشباب المكفوفين، فالمكان قائم علي توظيف المكفوفين فقط بنسبة 90 % من العاملين مكفوفين بما فيهم المدير ومقدمين الطعام جمعيهم مكفوفين، وقال دكتور عبدالباسط أنه أنشئ هذا المشروع بالأخص لأنه غير مبصر ويشعربمتطلبات المكفوفين.
"مشروع ذاتي"
تابع الدكتور عبدالباسط أنه أسس المشروع بمجهوده الذاتي دون مساعدات من أي شخص أو جهة حكومية أو خاصة، مشيراً أنه لا يقبل ذلك لأن هدفه تحليل ثقافة نشاط المعاقين من التبرع إلى العمل والانتاج وتغيير الصورة الذهنية التي تربط ذوي القدرات الخاصة بالتبرعات، مضيفاً إلى أنهم قادرين علي العمل والكسب، فيما أشار عبدالباسط عزب أنهم يرسلون إلى المجتمع رسالة من خلال المطعم بأنهم قادرين علي الإنتاج إذا توافرت لهم البيئة المناسبة والفرص الحقيقة،وضرورةانشاء مشاريع خاصة بذوي الإعاقة، مستطرد حديثة قائلاً نحن نقدم نماذج مكفوفين يعملون مهنة صعبة وهي تقديم الطعام وفكرة الموضوع أكبر من كونه مجرد مطعم،فمن يعملون به يحافظون علي الهوية المصرية القديمة من خلال ديكور واكسسوارات المكان، اضافةإلى الأطعمة الفرعونية التي تجذب السياح لتذوق الطعم وخوض التجربة، مؤكداً لم يتقبل البعض فكرة المطعم في البداية لأنها ثقافة جديدة عليهم، لكن دكتور عبد الباسط يطالب بمشاريع أكثر لدمج ذوي القدرات الخاصة في المجتمع، بدلاً من التبرعات التي لا تعود علي نشاطهم وشغلهم بشيء ويؤمن بقدرتهم علي الانتاج والمساهمة في اقتصاد بلده .