قرية تونس عاصمة الفنون ومنتجعاً سياحياً بالفيوم.

قرية مصرية تقع على ضفاف بحيرة قارون، وتبعد خمسة وخمسون كيلومترًا من محافظة الفيوم، مكانها أعلى ربوة صخرية تنحدر إلى شاطئ بحيرة قارون، وتفصلها عن المياه مساحات خضراء وأشجار، النهج المعماري للقرية مميز بأنه من الطين والقباب، حيث إنها تحوي مئتين و خمسين منزلًاً أنشأها الفنان العالمي حسن فتحي على الطرز الآسلامى التى تميزت به ،وباتت منتجعاً سياحياً بفضل عمدة سويسرية تحكمها.

يوليو 4, 2024 - 04:30
 0  14
قرية تونس عاصمة الفنون ومنتجعاً سياحياً بالفيوم.

 

جولة : نورهان حمدى

قرية مصرية تقع على ضفاف بحيرة قارون، وتبعد خمسة وخمسون كيلومترًا من محافظة الفيوم، مكانها أعلى ربوة صخرية تنحدر إلى شاطئ بحيرة قارون، وتفصلها عن المياه مساحات خضراء وأشجار، النهج المعماري للقرية مميز بأنه من الطين والقباب، حيث إنها تحوي مئتين و خمسين منزلًاً أنشأها الفنان العالمي حسن فتحي على الطرز الآسلامى التى تميزت به ،وباتت منتجعاً سياحياً بفضل عمدة سويسرية تحكمها.

 

"وفاء"

وسميت القرية بهذا الاسم لمعنى الوفاء للصادقة التى جمعت بين مواطن مصرى ومواطن تونسي، حيث أن مالك الأرض التى بنيت عليها قرية تونس كانت تجمعه صداقة  بمواطن تونسى  أقام فترة في القرية ثم غادرها، لكن صديقه المصري أصر على أن تحمل القرية اسم "تونس" وفاء لصديقه، وكونها تشبه في منازلها البيضاء وأرضها الخضراء وطبيعة مناخها المعتدل غالبية أوقات السنة العاصمة التونسية.

 

وتأتى لها السياح فى الشتاء خاصة فى شهر يناير وفبراير ومارس من جميع أنحاء العالم وهذا فى الغالبية العظمى ولكن فى خلال السنه تتردد عليها السياح من دول الخليج من سويسرا وأيطاليا ومعظم دول أوروبا .

 

"ورش خزفية"

 

أى زائر بالقرية يجب أن يتوجه أولا إلى الست الكبيرة وذلك حسب تعبير أهالى القرية والست الكبيرة هنا هى السيدة إيفلين فنانة الخزف السويسرية  صاحبة الفضل الأكبر فيما وصلت إليه القرية الآن ، حيث قامت إيفلين بإنشاء مدرسة لتدريب أطفال القرية على فنون صناعة الخزف والفخار وأطلقت على المدرسة اسم جمعية "بتاح"والتي اكتسبت شهرة عالمية مع الوقت نتيجة كثرة المعارض التى تم تنظيمها فى العديد من دول العالم وخاصة أوروبا.
والسيدة إيفلين تقيم في القرية منذ خمسة و اربعون عاما وهى سيدة سويسرية الأصل وكانت متزوجة بالشاعر سيد حجاب الذى كان مدعوا فى أمسية شعرية بالقرية فاصطحبها معه وعندما رأت هذا الجمال غير العادى الذى تتصف به القرية قررت أن تبقى فى هذا المكان فانفصلا الإثنان عن بعضهما وعاشت إيفلين فى القرية بمفردها بادىء الأمر ثم اصطحبت معها فيما بعد عددا من أصدقائها وبدأت تمارس هوايتها المفضلة فى صناعة الخزف .

 

 تقول إيفلين: لا أحب أن يعاملنى أحد كسائحة أجنبية فأنا عشت عمرى كله هنا فى قرية تونس عندما كانت منطقة مظلمة مخيفة على ضفاف بحيرة قارون، لكن كان عندى حماس أن أوجد عاصمة للفنون والآداب والجمال فى الريف المصرى فاخترت هذه القرية بالمصادفة ونقلت إليها ما تعلمته فى كلية الفنون التطبيقية بسويسرا وبدأت التجربة بفن الخزف وعملت ورشة ثم تحولت الورشة إلى جمعية لتعليم أولاد الريف على هذا الفن، والآن هناك ورش عديدة بالقرية وفى المدرسة يتعلم الأطفال على هذا الفن التراثى الذى لن يمت لأن مصر صاحبة حضارة عظيمة وطويلة جدا وهى أصل كل هذه الفنون وفى كل عام نقوم بتنظيم معارض عالمية فى فرنسا وسويسرا وتحظى بإقبال كبير وإعجاب ممن يقدرون هذا الفن.

 

"عاصمة الفنون"

     وتضيف إيفلين أن القرية تحولت إلى عاصمة للفنون والجمال لأنها حسب تعبيرها تجمع كل شىء جميل فى مصر، فهناك خضرة وجبل ومياه وناس بسطاء وهذا ما جعل فنانى وأدباء أوروبا يأتون إليها خصيصا ويقيمون بها فترة كل عام من أجل مواصلة إبداعهم مثل الأديب العالمى دينيس مترجم أدب نجيب محفوظ، أيضا هذا المكان يتمتع بهدوء غير طبيعى والناس بسطاء جدا وخارج نطاق الزمن يعنى هم يستيقظون منذ الصباح الباكر ويذهبون لأعمالهم فى الحقول ثم يعودون وقت الظهيرة ثم يذهبون للحقول مرة أخرى بعد العصر ثم يعودون فى المساء ،فأنا أشعر أن الحياة هنا تسير فى غاية النظام والدقة كأننى جالسة فى خلية نحل وطيلة الـ45عاما شعرت طوال الوقت أن المصرى إنسان بسيط ووديع ويستطيع أن يرسم ويبدع بأنامله بمنتهي البساطة .

 

ولم تحصل إيفلين حتى الآن على الجنسية المصرية لكن ابنتها تزوجت بمصرى فأصبحت مصرية وقامت بكتابة عقد منزلها فى القرية على اسم ابنتها إلا أنها كما ذكرت لنا تشعر بأنها مصرية وأن تجربتها فى قرية تونس يشهد بها الاتحاد الأوروبى الذى أوفد لجنة لدراسة جوانب الجمال فى القرية ،وأنها ساهمت فى الترويج السياحى للقرية من خلال المعارض الكثيرة التى قامت بتنظيمها فى دول أوروبا العديدة ،وتشتكى إيفلين من عدم اهتمام السفراء والقناصل المصريين بهذه التجربة حيث قامت بتنظيم عدة معارض عالمية حضرها سفراء جميع الدول باستثناء السفراء المصريين الذين لا يقدرون الفنون التراثية ،وعبرت إيفلين عن استعدادها للتعاون من أجل جلب المزيد من النجاح للقرية.  

"سكان اجانب "

 

وكان من أشهر من سكن بالقرية من الأجانب هو الأديب والمترجم العالمى دينيس جونسون ديفيز وهو أول من قام بترجمة روايات الأديب العالمى نجيب محفوظ إلى الإنجليزية وكان واحدا من طلاب الدكتور طه حسين بكلية الآداب ،والطريف أن الخواجة دينيس أشهر إسلامه فى القرية وأطلق على نفسه اسم عبد الودود .. كان دينيس يسمع آذان الفجر يومياً فيرى البسطاء يهرعون من نومهم إلى الصلاة وحسب أهالى القرية أنه كان يصلى معهم ويشعر بسعادة بالغة عند قراءة القرآن ولايزال هذا الكاتب على قيد الحياة لكنه يحضر إلى القرية فى فصل الشتاء فقط.

  "مجموعة صلاح جاهين"

 

وتضم قرية تونس أيضا أول متحف للكاريكاتير فى الشرق الأوسط أنشأه الفنان محمد عبلة ليكون قبلة للفنانين من كل مكان فى العالم .. المتحف يضم مجموعة نادرة من الرسوم الكاريكاتورية لصلاح جاهين ورخا وصاروخان وحجازى وغيرهم .

 

يقول محمد عبلة : تونس هى واحة الفن والفنانين وكثير من الأدباء والموسيقيين والفنانين جاءوا إليها وأقاموا بها لأنها أرض الوحى والإلهام لأن القرية موجودة على ربوة عالية أمام بحيرة قارون وبفضل الخضرة فقد منحتها كل هذه الصفات مؤهلات لتكون من ضمن أجمل المناطق الريفية فى مصر وأنا شخصيا انضممت لقائمة مبدعى تونس منذ نحو عشرون عاما وأنشأت مركز الفيوم للفنون بالقرية منذ عدة سنوات و كان حلمى ولا يزال أن يكون واحة للابداع يلتقى فيه المبدعون من كل العالم يلتقون على الفن وعلى التسامح والحوار وكنت أحلم ومازلت أن يكون بيتا للفنانين فيه يتقابلون ويرسمون ويتناقشون .. وننظم سنويا ورش عمل للتدريب على فن الكاريكاتير ويفد إلينا فنانون من كل مكان.

 

ويقيم بالقرية أيضا عدد آخر من الفنانين نبيل تاج رسام الكاريكاتير المعروف والصاوى الفنان الموسيقى وعدد من أساتذة الجامعة الأمريكية وفنان يدعى خافيير بوجاماتى وعدد من الأجانب الذين يعشقون الريف المصرى وقد فضلوا الإقامة فى المكان بعيدا عن الازدحام. 

 

"عمل بسيط"

أما عن أهالى القرية البسطاء فغالبيتهم يعملون فى الزراعة والصيد ورعى الحيوانات لكن السياحة الريفية بالقرية فتحت أمامهم أبوابا أخرى للرزق حيث يقول كريم السيد من سكان القرية: عدد من أهالى القرية يعملون فى صناعة الخزف وعدد آخر يمارسون عملهم اليومى فى الزراعة والفلاحة، لكن هناك مهنا أخرى ظهرت كنتيجة طبيعية للنشاط السياحى فى القرية مثل أعمال اللاندسكيب والحراسة والعمل داخل الفنادق والمطاعم السياحية فى القرية وهذه أتاحت فرص عمل للشباب.